1. بسم ا الرحمن الرحيم
معالي رئيس مجلس الشورى
الموقـر
السلم عليكم ورحمة ا وبركاته
نشير إلى )نظام الجمعيات الهلية( الذي يدرسه مجلسكم الموقر، ونق ّم لمعاليكم رؤيتنا، راجين أن تسهم مع غيرها في
د
إصدار نظام يح ّق ما يتطّع إليه المواطنون، ويف ّل مبدأ المشاركة الشعبية.
ع ل ق
تمهيــد:
الجمعيات الهلية -بالمقياس العالمي الذي استقر عليه مفهوم الدولة في الفكر السياسي الحديث- هي همزة الوصل بين
الفراد الشتات، وقوة الدولة المنظمة، وكل نظام للجمعيات الهلية ل ينطلق من تصور لطبيعة الجمعيات، من الطبيعي أن يخل
بوظائفها. وليست وظائف الجمعيات قابلة للتخمين والختلف، فلها وظائف معلومة، أبرزها: المشاركة فى الشأن العام ،
وتجسيد الطابع التعاقدي للدولة، وتنظيم التعبير عن الرأي العام، وضبط توازن العلقة بين الدولة والمجتمع، وترسيخ السلوك
الحضاري عند الختلف.
إن الجمعيات الهلية ليست وكيلة عن الدولة في التنمية، بل هي شريك كامل في التنمية، وهي من عوامل قوة الدولة،
ودعم )الجمعيات الهلية( لن يشكل أي خطورة على النظام السياسي، كما يتوهم )معارضو الصلح(، بل يشكل ق ّة له لنه
و
أحد القنوات المعبرة عن شور ّة الحكم، وهو أحد أبرز المؤشرات على مصداقية الصلح، فل يمكن وجود )نظام شوري
ّ ي
عادل( دون )قوة التجمعات الهلية( .
وهذا ما أ ّد عليه في مواد المشروع )المطروح للدراسة(؛ حيث جاء ضمن أهداف النظام المذكورة في المادة الولى
ُك
)إشراك المواطن ومشاركته في إدارة المجتمع وتطويره(.
ضرورة إصدار نظام يمكن المواطن من المشاركة في صنع القرار:
لتجسـيد إرادة الدولة فـي تحقيـق ذلك الهدف، وليصـبح القطاع الهلي شريكا فـي التنميـة؛ لبـد مـن إصـدار نظام يدعـم
ً
ويحرر العمل الهلي من القيود، ويفتح الباب أمام الصلح المنشود.
إن من نتائج إصدار النظمة الف ّالة في هذا المجال، دعم قيم التطوع والمبادرة والحيوية و التسامح، وقيم التعددية،
ع
والتعايش ؛ مما يخدم الستقرار السياسي والجتماعي والقتصادي .
معايير النظام المثل للجمعيات الهلية:
أ- النشاء:
أول الركائز الساسية في بناء نظام الجمعيات الهلية سهولة إجراءات النشاء؛ فالمر الطبيعي أن النشاء من الحقوق
المدنية الطبيعية، التي ل يحتاج فيها إلى استئذان أو موافقة مسبقة من الهيئة، إذ ينبغي أن ينحصر دور الهيئة بالتسجيل
وتخطر بالنشاء، فإذا لم تبّغ الهيئة الجمعية برفض طلبها خلل مدة مع ّنة؛ فإن الجمعية تعتبر مشروعة وقانونية.
ي َ ُ ل
وللهيئة أن تدعي على الجمعية أمام القضاء؛ ليبت في المر في جلسة علنية كما هو المر في الدول الشورية.
ّ
وبهذا السلوب ينفتح الباب الموصد أمام تكوين الجمعيات الهلية بدون قيود غير طبيعية، ويتاح للمجتمع الستفادة من
خدماتها.
إن أي نظام للجمعيات الهلية يشترط الموافقة المسبقة؛ إنما ينطلق من كون الدولة وص ّة على المجتمع، ول ينطلق
ي
من كون المواطن شريكا حقيقيا في صناعة القرار الحكومي، ولذلك ل يعد سوى صورة من صور سيطرة الدولة على
ً ً
المجتمع المدني، وهي تناقض مفهوم المجتمع المدني في كل بلد الدنيا، ومخالفة للمواثيق الدولية التي ن ّت على حماية
ص ّ
حرية الجمعيات، ول س ّما في المجتمع المدني السلمي، فهي مخالفة لمقاصد الشريعة الكّية.
ل ي
إن حق المواطنين في تكوين الجمعيات الهلية حق طبيعي أق ّته الشريعة، من باب التعاون على البر والتقوى، ومن
ر ّ
باب قوله تعالى: » ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير«، و من باب المر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من الحقوق
الطبيعية التي هي مقتضى تكريم ال للنسان، لنه مك ّن من مكونات الشخصية النسانية التي ل يجوز مصادرتها، ول
و
يجوز الخلل بها بدعوى تنظيمها.
و على ضوء ما سلف بيانه يعد حق المواطنين في تأليف الجمعيات الهلية من حقوقهم وحرياتهم الطبيعية ، وهي حقوق
شرعية ثابتة.
إن النظام )المعروض للدراسة( عندما يصادر هذه الحقوق أو يض ّق عليها إنما يع ّل من دورها في خدمة المجتمع،
ط ي
ويحرمها من المصداقية في تعاملها مع الناس.
1
2. ب- المحاسبة والمراقبة:
إن الدور الطبيعي لمجلس إدارة الهيئة، إنما هو دور إجرائي؛ من أجل التنظيم والمتابعة، وليس له حق المحاسبة
ّ
والمقاضاة والمنع واللغاء؛ لن المحاسبة إنما هي للجمعية العمومية، وللمستفيدين من الخدمات، والرأي العام، والعلم .
ج- حل الجمعية:
ّ
المر الطبيعي في أي نظام للجمعيات أل يتعسف في إيقاف نشاط الجمعيات أوحلها أو دمجها، دون ضوابط
موضوعية لماه ّة المخالفة، كي ل تتح ّل الفعال الصغيرة إلى كبيرة عند مجلس الهيئة، لذلك يجب أل يكون الحل والدمج
ّ و ي
إل بحكم بات في محكمة علنية قابلة للنقض، فل يكون الحل بيد الهيئة.
ّ ٍ ّ
د- كثرة التد ّلت:
خ
إن مواد المشروع تمنح الهيئة صلحيات كبيرة في التدخل في كل صغيرة وكبيرة في عمل المؤسسات؛ مما يلغي
استقلليتها، ويشل كثيرا من حركتها، حتى يصل المر إلى التدخل في تفاصيل الجلسات، وإلغاء قراراتها، أو إلغاء نتائج
ّ ً
النتخابات، فماذا بقي للجمعية من شخصية مستقلة؟
لقد أجاز النظام )المطروح للدراسة( للهيئة حل الجمعية في حالت عديدة، من بينها ارتكاب مخالفة جسيمة للئحتها
ّ
الساسية، ومخالفة النظام العام ، أو التقاليد المرعية في المملكة، وهذه العبارات تطرح سؤال حول كيفية تحديد )المخالفة
ً
الجسيمة( و )التقاليد المرعية(، وهي تمنح الهيئة سلطة تقديرية واسعة لتحديد بقاء الجمعيات أو إنهائها، ويظهر ذلك في
الطبيعة الفضفاضة الواسعة للن ّ، مما يس ّل إساءة تفسيره للتضييق على الجمعيات.
ه ص
هـ- خلو النظام من تد ّج الجزاءات:
ر ّ
لقد خل النظام من مبدأ التد ّج في الجزاءات مثل التنبيه، والنذار، أما التوقيف المؤقت، والغرامة فليست أمرا من
ً ر
اختصاص الهيئة؛ إذ دورها ينبغي أن ينحصر في الجانب الجرائي والتسجيل والمتابعة والتنبيه للجمعيات فيما تراه مخل
ً
بنظامها، أما الغرامة واللغاء فهي أحكام يبت فيها القضاء إذا قامت الهيئة بالدعاء؛ فالدعاء لدى القضاء يكون من قبل
ّ
الهيئة ل العكس.
و- المراقبة والمحاسبة:
إن الجمعيات الهلية تضم في العادة نخبا من المواطنين يبادرون بالتطوع والنفع العام واليثار، وبطبيعتهم البشرية هم
ً
عرضة للخطأ والزلل عن أهداف إنشاء الجمعية؛ ومن ثم فلبد أن تكون هناك جهة تراقب وتحمي الغير، وتحمي المستفيد
من سوء الستخدام لهذه المميزات والعفاءات.
لكن الضمانة لحماية الجمعية من احتمالت الزلل والفساد ليست هي الهيئة، وإنما هي نظام الجمعية والجمعية ّ
العمومية، والمهتمين بنشاطها والداعمين لها، والرأي العام، والعلم، أي الرقابة الشعبية.
إن مراقبة الهيئة لعمل الجمعيات من خلل حضور جلساتها وتبليغ محاضر الجلسات خلل ٥١ يوما من انعقادها،
ً
يعبر عن تدخل الهيئة المجحف في عمل الجمعيات، وكذلك إطلعها على دفاتر الجمعيات وسجلتها، ووثائقها التي تتعلق
بعملها ونشاطها، وإلزام الجمعيات بتقديم أي معلومة أو بيان أو مستند تطلبه الهيئة، ول شك أن هذا يعطي الهيئة سلطة
واسعة جدا تسمح لها بالتدخل المباشر في عمل الجمعيات.
ً
إن الشفافية في تصرفات الجمعيات مطلب أساسي، ول س ّما ما يتعّق بالشق المالي، لكن ليس للهيئة حق مراقبة
ّ ّ ل ي
الجمعيات ماليً، بل إن لدى الحكومة مؤسسات مختصة بذلك يمكنها القيام بهذه المهمة.
ا
إن ما ب ّنا في هذه )الرؤية( يتماشى مع مناداة خادم الحرمين الشريفين بالمشاركة الشعبية، وتنمية روح الحوار
ي
والمبادرة، وطلب النصح لولة المر.
ونظام الجمعيات إذا تخّص من هذه السلبيات، سيكون الخطوة الكبرى في بناء دولة العدل والشورى، التي ل تكون إل
ل
إذا انبثقت من مفهوم المجتمع المدني بصفته شريكا ف ّال، ل مج ّد زبون أو وكيل للدولة، وبذلك يضمن النظام حق
ّ ر ً ع
المجتمع الهلي في المشاركة في صناعة القرار، لن الجمعيات الهلية هي الرافعة الحقيقية لمبدأ المشاركة الشعبية، وهي
الحامية من العنف والبطالة والفقر والتخّف، وسيكون تجسيدا للرغبة الجادة من قيادة هذا الشعب ونخبه، وصورة
ً ل
ناصعة لوعي أعضاء مجلس الشورى.
2
3. ونأمل أن يس ّل التاريخ صدور مثل هذا النظام في عهد هذا الملك الصلحي الذي نادى بالمشاركة الشعبية.
ج
و ّق ال الجميع إلى ما فيه الخير والسداد، والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته.
ف
من دعاة المجتمع المدني السلمي:
الموقعــــون:
1.د. إبراهيم بن صقر المسلم/ أستاذ جامعي في الوراثة
2.إبراهيم بن عبدال المبارك / محام ومختص بالقضاء السلمي
ٍ
3.خالد بن سليمان العمير/ ناشط في حقوق النسان
4.سليمان بن صالح الرشودي/ قاض سابق، ومحا ٍ، وعضو مؤسس للجنة حقوق النسان الهلية ٣١٤١هـ)
م ٍ
٤٩٩١م( .
5.سيف الدين فيصل الشريف/ رجل أعمال
6.د. صالح بن سليمان العمير/ أستاذ جامعي في اللغة العربية
7.د. عبدالرحمن الشميري/ أستاذ جامعي سابق للتربية السلمية
8.د. عبدالحميد المبارك/ شيخ المدرسة المالكية بالحساء، وناشط إصلحي
9.عبدالعزيز الوهيبي/ محام وعضو في لجنة حقوق النسان الهلية ٣١٤١هـ ) ٤٩٩١م(
ٍ
01.أبو بلل عبدال الحامد/ أستاذ جامعي سابق، وعضو مؤسس في لجنة حقوق النسان الهلية ٣١٤١هـ)
٤٩٩١م(
11.عصام حسن بصراوي/ محام ومستشار قانوني، وناشط إصلحي
ٍ
3
4. 21.علي بن محمد الغذامي/ رجل أعمال وناشط في المجتمع المدني
31.د. مبارك بن سعيد بن زعير/ باحث أكاديمي، وناشط في مجال حقوق النسان
41.د. محمد بن إبراهيم الصغير/ أستاذ جامعي، وطبيب ج ّاح
ر
51.د. محمد بن علي الهرفي/ مدير تعليم سابق
61.د. موسى بن محمد القرني/محام وأستاذ جامعي سابق للفقه وأصوله
ٍ
71.نواف بن عبدالرحمن القديمي/ صحفي
4
